منتـديـات مــزايـن - ارتبط الشعراء بإبلهم فتغزلوا بجمالها ولذة حليبها

تحقيق لعبدالله الحمدان من وادي الدواسر نشر في إحدى الصحف تحت عنوان :

(( ارتبط الشعراء بإبلهم فتغزلوا بجمالها ولذة حليبها ))

لم تعد الناقة حكراً على البدو والبدو الرحل فقط كما هي في سالف الأزمان السابقة بل أصبحت ظاهرة صحية يتعامل معها شتى أطياف المجتمع بدواً وحاضرة ويوعز الغالبية هذا الاهتمام إلى عدد من الأمور منها :

أنها أصبحت سلعة غالية ومحبوبة عند غالبية الناس لاسيما بعض أصناف الأبل خاصة إذا ما كانت من سلالة طيبة ومعروفة عند هواتها أو من أصناف المزايين مما جعل لها أهمية كبرى عند محبيها بالجزيرة العربية سواء كانوا بادية أو حاضرة الذين تغنوا وتغزلوا بها وبجمالها وبعشقها من خلال بعض الشعراء والقصائد حيث قال أحدهم :

البل ولولا البل غدينا ضيعة=كنا دراويشٍ طعام سباعِ
البل ولولا البل تحاوسوا العرب=ضاقت على السّفّار والزّرّاعِ

ويقول ابن بلال اليامي مبينا أن الإبل تجارة ورأس مال لا يمكن الاستغناء عنه :

البل عطايا الله جزيلات العطا=قطاعة الفرجة طويلات الخطا
ومع ظلام الليل ادلّ من القطا=سفن الصحاري والذكا باذهانها
الإبل لشيوخ القبايل والملوك=ولكل شهمٍ ما تراوده الشكوك
مهما تعلّى راس ماله في البنوك=حافظ عليها واعترف باحسانها

بل لم تزد ذلك الأيام إلا رسوخا وهاهم شعراء هذا العصر يتغنون بحبها يقول الشاعر خلف بن هذال :

البل لها في مهجة القلب منزال=منايح القصّار سفن الصّحاري
مراجلٍ يشقى بها كلّ رجّال=افلاس بايعها نواميس شاري

فيما يرى البعض الآخر أن الحليب هو المحور الأساسي لاقتنائها والتمسك بها عند البعض الآخر لاسيما عندما يعتاده الشخص خاصة كبار السن منهم وهواة الحليب مما يدفعهم إلى شرائها والاحتفاظ بها والمحافظة عليها بشكل كبير وذلك للهدف آنف الذكر الذي يعتقدون بأن له فوائد كبيرة سواء كان منها العلاجية أو الجسمية أو حتى إضافة إلى أن البعض يرجح وبشكل جازم إلى أنه يقي من الكثير من الأمراض وفي مقدمتها حسبما ذكر أبو محمد ذو الباع الكبير في هذا المجال أنه ينظف البطن والمعدة لاسيما إذا ماكان الحليب حليب بكر الذي يمتاز برائحة طيبة ومذاق حلو يتسهوي الجميع ولذلك أصبحت قيمة البكر غالية جداً عندهم.

ولقد تعرّض الشعراء لحليب الإبل فكثيرا ما يقترن وصف الإبل ومحاسنها بذكر حليبها وحلاوته بل قد تكون حلاوته مثلا تضرب له الأمثال وتقاس عليه الأمور حيث وصفة ( ابن حصيص ) يشبه ريق معشوقته بحليب البكار فيقول:

هيض ابن حصيص في تالي نهاره=ألف قافٍ في ضميره مدمجاتي
كن في عينه من الفرقى شراره=أو مخاليب الوحوش الطّايراتي

إلى أن قال :

ريق سارة مثل سكر في غضارة=أو حليب بكار عربٍ مسمناتي

بل الكثير يحاول أن يعبر عما في نفسه من الترحيب والسلام لمن أرسل إليه قصيدته فلا يجد أحلى وألذ من حليب الإبل خاصة المصاغير أو المباكير أو المغاتير:

سلامٍ احلى من حليب اشقح النّوق=لا صار توّه بالغضار محلوبي

وهنا إشارة إلى تفضيل شربه طازجا.

كما امتدح أبو فهاد حليب النياق قائلا يكفي بأنه يعد وجبة أساسية خاصة إذا ما صاحب الحليب تمر فانه يضاهي أفضل المأكولات.

ولقد تغني عدد من الشعراء بحليب الإبل مع التمر وأنه يعد أفضل الوجبات واحلاها حيث قال أحد الشعراء من وادي الدواسر مرحبا بعزيزٍ له:

يا مرحبا بمسخّر القاف تسخير=ترحيبةٍ مزجت بوردٍ وكادي
الذّ واحلى من حليب المصاغير=نمرة ثلاثينٍ مع خلاص وادي

وفيه إشارة إلى اقتران حليب الإبل غالبا بالتمر المتوفر عند أهالي وادي الدواسر.

ويقول محمد بن شاهر السهلي:

البل غلاها كثير وزايدٍ عندي=يا زين مما بها في راس منهاها
لامن شربنا لبنها كن به غندي=ويوسّع البال مفلاها وممشاها

بل من صفات أطايب الإبل كثرة اللبن وغزارته مما يرغب في اقتنائها وعلو قيمتها عند صاحبه ايقول أحدهم:

لي فاطرٍ حدبا القرا مسميّة=يرويك من قبل العطيف وشالها

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين