عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 01 / 2009, 31 : 12 AM   #3
مجموعة التكريم

 
الصورة الرمزية ياسر الحربي
 
تاريخ التسجيل: 09 / 06 / 2008
الدولة: الدمام
المشاركات: 3,578
معدل تقييم المستوى: 279
ياسر الحربي is on a distinguished road
افتراضي







فـي الشـعر والأدب

كانت الإبل وما زالت ذات أثر كبير في الأدب العربي ، فقد تناول الرواة أخبارها في أشعارهم وأقوالهم وأمثالهم . فإذا كان الشعر العربي هو ديوان العرب ، فإن الإبل عمود مهم من أعمدة هذا الديوان منذ عصر الجاهلية حتى الإسلام ، وما بعده ، ولعلنا عندما ننتقي من اهتمامات فحول شعراء العربية ما تعلق بالإبل فإننا بذلك نكون قد أرجعنا السيف إلى غمـده ، والفرع إلى أصـله ، لاسيما وأن الإبل كانت محط عناية الطبقة الأولى من الشعراء العـرب .

فـي الوصـف :

لعل أجود ما قيل في وصف الإبل ، قول الشاعر العربي طرفه بن العبد في معلقتـه المشـهورة :

وإني لأمضي الهــم عند احتضاره

بعوجاء مرقال تروح وتغتـدي

أمـون كألـواح الآران نصاتهـا

على لاحـب ظهر كـأنه برجـد

وثمة أبيات شهيرة لواحد من أوسع وأشهر شعراء العصر الجاهلي وهو امرؤ القيس ، يتغنى فيها بحركة الإبل ، ويدقق في وصف الهوادج بألوانها الزاهية وحركتها في منتصف النهار ، كما يبرز ولعـه الشديد بهذا الظعن الذي ينقل محبوبته إذ يقـول :

فـدع ذا وسل الهـم عنك بحسرة

ذمـول إذا صـام النهار وهجـرا

تقطـع غيظـاناً كـأن متــونه

إذا أظهـرت تكسى مـلاء منشـرا

بعيـدة بين المنكبيـن كأنهــا

تـرى عند مجرى الضفر هـرا مشجـرا

أما الشاعر زهير بن أبي سلمى الملقب بشاعر الحكمة وسفير القول ، والمعروف بأنه من دعاة التصالح بين القبائل العربية ، فقد كانت له جملة من المواقف مع الإبل ، ونتذكر من معلقته الشهيرة مطلعهـا الذي يقول فيـه :

أمـن أم أوفـى دمنـة لم تتكلـم

بحـومــانة الـدّراج فالمتلثـــم

ونعرف بأنّ أكثر ما وصلنا من أدب العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام ، والعصر الأموي ، كان من الشعر ، وقد احتل شعر الناقة مساحة طيبة من الشعر الجاهلي ، نظراً للمكانة الرفيعة التي كانت تتمتع بها في نفس العربي آنذاك ويذكر بأن الأبيات التي قيلت تغزلاً في المرأة ، فمعلقة النابغة الذبياني ستون بيتاً ، يتغزل منها في ثلاثة وعشرين ويصف الناقة في ثلاثة وعشرين . ومعلقة لبيد بن ربيعه تسعة وثمانون بيتاً ، يتغزل منها في واحد وعشرين بيتاً ، ويصف الناقة في ثلاثة وثلاثين بيتاً . وظلت الناقة رفيقة الشعراء في صدر الإسلام والعصر الأموي ، وقد امتطاها كعب بن زهير إلى النبي r لينشده قصيدة " بانت سعاد " ، وقطع بها الفرزدق الفلوات بين بادية البصرة ورصافة هشام بن عبدالملك ، وبلغ من كثرة ما قال بعضهم من شعر فيها أن نسب إليها ، فالشاعر الأموي الملقب بـ0براعي الإبل ) نكاد لا نذكر اسمه الصحيح ( عبيد بن حصين ) ، وقد لقب بذلك لكثرة ما قال في وصف الناقة وتصويرها . ويقول الشاعر الأعشى في معلقته ، وهو من أجمل شعره في الناقة :

ذاك شـبهت ناقتـي عن يميـن الـ

رعـن بعـد الكـلال والإعمــال

وتـراهــا تشـكو إلى وقــدا

لـت طليحـاً تحذى صـدور النعـال

ويشد الشاعر الأعشى رحاله مرة أخرى إلى الملوك ومنهم هوذة بن علي الحنفي ، فيمدحه ، ويصف الناقة ، ويمزج وصفه بمديحـه فيقــول :

إلى هـوذة الوهـاب أهديت مدحتـي

أرجى نوالا فاضلاً من عطائكـا

تجــانف عن جـل اليمـامة ناقتـي

ومن قصـدت من أهلهـا لسوائكا

وقد تكرر في الشعر الجاهلي تشبيه السحب بجماعات النوق ، وأصواتها بالرعد المزمجر ، وكثيراً ما أبـرز الشعراء في أكوام الغيم المتلبد ، أصوات النوق العشار الحوامل وهي تحن إلى أولادها ، وفي ذلك قال الشاعر عبيد بن الأبرص :

كأن فيـه عشـاراً جـلة شـرفـا

شـعثا لهـا ميم قـد هـمت بأرشـاح

بحـا حناجرها هـدلا مشـافرهـا

تسـيم أولادها فـي قـرقـر ضـاحي

وقـال الشـاعر الأبرص أيضـاً :

تخـترق البيـد والفيــافي إذ

لاح ســهيل كـأنـه قبــل

ويـل أمهـا صـاحبا يصـاحبهـا

معتسـف الأرض مقفـر جهـل

وقـال شـاعر الرسول الكريم حسـان بن ثابت رضي الله عنـه :

طـوق ابرق العـزاف يرعـد متنـه

حنيـن المثـالي نحـو صـوت المشايع

ويمضي الشاعر المرقش الأكبر بناقتـه تاركـاً خلفه الليل الطويل وموقـد النار ، وينتهـي به إلى وصف المكـان في هـدأة الليـل :

تركـت بهـا ليلاً طـويلاً ومنـزلاً

وموقـد نار لم تـرمـه القـوا بـس

وتسـمع تزقـاء من البُـوم حولنـا

كمـا ضُرِبَـت بعد الهـدوء النواقيـس

ومن جميـل قول الشـعراء في وصف الناقـة ما نظمـه الشاعر بشـامة بن العذيـر بقولـه :

كـأن يـديهـا إذا أرقـلت

وقـد حـرن ثم اهتـدين السـبيلا

يـدا سـابح خـرَّ في غمـرة

وقـد شـارف الموت إلاّ قليــلا

إذا أقبـلت قلتُ مشـحونـة

أطاعت لهـا الريـح قلعـا جفـولا

وإذا أدبـرت قلتُ مـذعـورة

مـن الربـد تتبــع هيقاً ذَمـولا
__________________
ياسر الحربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس