عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 01 / 2009, 32 : 12 AM   #4
مجموعة التكريم

 
الصورة الرمزية ياسر الحربي
 
تاريخ التسجيل: 09 / 06 / 2008
الدولة: الدمام
المشاركات: 3,578
معدل تقييم المستوى: 279
ياسر الحربي is on a distinguished road
افتراضي







وقـول الشـاعر العبـاسي أبي تمـام الطـائي :

وبـدلها السـرى بالجهـل حلمـا

وقـد أديمهـا قـد الأديــم

بـدت كالبـدر فـي ليـلٍ بهيـم

وآبـت مثـل عرجون قديـم

نـاقـة ابن العبـــد :

ويذكر بأنّ الشاعر طرفة بن العبد هو من أكثر الشعراء صحبـة للنـاقـة حتى أنّ مشكلته مع أهله صغيراً ، وإسـرافه في اللهـو شاباً ، دفعـه إلى التغـرب في البلدان هائمـاً على وجهـه ، متنقلاً بين أحيـاء العرب ، أو قاصداً الملوك ، ولا أنيس له إلاّ ناقتـه ، فطال نظـره إليها ، ومراقبته لها وتعاطفه معها فوصفها وصفاً تفصيلياً ، وهو القائـل :

كـأن حـد وج المالكيــة غــدوة

خـلايا سفـين بالنواصف مـن دد

عدوليـة أو مـن سفـين ابن يامـن

يجـورُ بهـا المـلاح طورا ويهتـدي

يـشق حبـاب المـاء حيـزومها بهـا

كما قسـم الُّـرب المفايـل باليـد

أمـا الشاعرة الخنسـاء ، فإنهـا اتخـذت مـن الناقـة مثالاً لهـا للتعبير عن حزنها على فقـدها لشقيقها صـخر فرثتـه بقولهـا :

يـا صـخر ورّاد مـاء قـد تنـاذره

أهـل الموارد مــا في ورده عـار

فمـا عجـول على بـوًّتطيـف بـه

لهـا حنينـان : أصـغار واكبــار

أمـا شـاعر المعلقات عنترة بن شداد العبسي ، فكثيرا ما كـان يوقف ناقتـه في دار عبلـة ، ويشبهها بالبنـاء المتماسك المحكم في قـوته وعنفوانه :

فـوقفـت فيهـا ناقتـي وكـأنهـا

فـدن لاقضـي حـاجـة المتلــوم

تـأوي لـه قلص النعـام كمـا أوت

حـزق عانيـة لاعجـــم طمطـم

كمـا تُعـد ناقتـه مُلهمتـه التي توصـله إلى محبـوبتـه وابنـة عمـه فيقـول :

هـل تبلغنـي دارهـا شـدنيـة

لعـنت بمحـروم الشــراب مصـرم

خطـارة غـبّ السـري زيـافـه

تطـسُّ الآكــام بـذات خـف ميثـم

كذلك نجد في هذا السـياق ناقـة الشاعر كعب بن زهير وهي ترمز إلى الأمـل الذي تحمل من أجله ما تحمل من عناء فراق المحبوبة :

أمسـت سـعاد بأرض لا يبلغهـا

إلا العتـاق النجيبـات المراســيل

ولـن يبـلغهـا إلاّ عــذافـرة

لهـا علـى الايـن ارقـال وتبغيــل

وكلما أمعتا النظر في العلاقة بين الشاعر الجاهلي والناقة ، كلما وضح لنا أنها كانت بالنسبة إليه كالملجأ الأمين الذي يقي صاحبـه الكثير من المصاعب . لقد لامسـنا صوراً تعبيرية عديدة للناقة في هذا الشعر ، فهي مثل الباب المنيف الممرد ، وبيوت الوحش في أصول الشجر ، وجناحيّ النسر ، والسقف المُسند ، والظهر العالي والكهف ، حيث وصف الشاعر طرفة بن العبد الناقة وصفاً إجمالياً من حيث قوتها وسرعتها وضخامتها ، كما تناول يديهـا بالوصف ، وأنّ رأسها عظيم سـامق قوي كسندان الحداد ، وعنقها كسُـكان السفينة يدفعها ويبطئ بها ويسرع ، أما خدّها فصقيل كقرطاس ، ووصف عينيها فجعلهما مرآتين في بريقهما ولمعانهما .

الشاعر الحطيئة ، لا يقل عن شعراء الجاهلية السابقين أسـلوباً ودقـة في الوصف ، وجزالة في اللفـظ ، ورصانة في المعنى ، فقد تناول الناقة في شعره ، وتحدث عن صفاته وألقابها ، فوصف جيدها وجعلها ظبية ترعى في شجر الصحـراء :

وان غضبت خلـت بالمشــفريـ

ن سـبائح قطـن وبرســا نسـلا

وتحـدو يـديهـا زحـول الخطـا

أمـرهمـا العصـب مـرا شــمالا

وهـذا الشمّاخ الشاعر المخضرم والذي تفـنن في المـدح والهجاء ، إلى الحد الذي هجا فيه عشيرته وأضيافه وقـد قال في ناقـته :

وعوجـاء مجـذام وأمـر صـريمـة

تركت بهـا الشك الذي هـو عاجـز

وظللت بأعـراف كـان عيـونهـا

إلى الشمس هـل تدنـوزكى النواكـز

وهجا الشـمّاخ الربيع بن علياء السلمي ، لأن ربيعاً أساء وتكبر وقال الهجـر والفحش ، لما رعى الإبل والظاهر أنها كانت ملكـا له وقـال :

نبـئت أنّ ربيـعاً إن رعـى إبـلا

يهـدي إلى خنــاه ثـانـي الجيـد

ومدح أبو أُمامة غيـاث بن غوث التغلبي الملقب بالأخطل ، في إحدى قصائده يزيد بن معاوية ، وقد بدأ قصيدته بمقدمة غزليـة ذكـر فيها محبوبته سلمى ومرابعهـا ، التي طوّحت بها رحلة بعيـدة ، وكان يفكر في السبيل الذي يوصله إليها ، ولم يجد سوى (ناقته )، الموصوفة بصفات يستطيع بها أن يقطـع الفيافي ، كونهـا قوية ، حـادة العين وقال :

بحـرة كأتـان الفحـل أضمـرهـا

بعـد الربـالة ترحـالى وتسـيارى

أخت الفـلاة إذا اشـتدت معـاقـدها

زلت قـوى النسـع عن كبـداء مسيار

ويقـول الأخطـل أيضـاً :

كأنهـا بـرج رومـي يشــيده

لـزبـجـص واجــر وأحجـــار

أو مقفـر خاضـب الأظــلاف جـادلـه

غيـث تظـاهـر فـي ميثـاء مبكــار

قـد بـات فـي ظـل ارطــاه تكفئـه

ريـح شـــاميـة هـبت بأمطـــار

يجـــول ليـلتـه والعيـن تضـربـه

منهـا بغـيث اجـسّ الرعــد تيـــار

وللشاعر التغلبي عمرو بن شـبيم الملقب بالقطامي ، لاميـة شـائقة ، افـرد جـزءاً منهـا لوصف الإبل ، ومن جملة ما أورده القرشي ويخص الإبل قـولـه :

أضحت عليـه يهتــاج الفـؤاد لهـا

وللرواســم فيمـا دونهـا عمـــل

حتـى تـرى الحـرة الوجنـاء لاغبـة

والارحبـى الذي في خطـوه حطـــل

خوصـا تديـر عيونا مـاؤها سـرب

عـلى الخدود إذا مـا اغـرورق المقــل

لو اغب الطـرف منقوبـا محاجـرها

كأنهــا قلـب عـاديـة مكـــل

يمشـين رهواً فـلا الإعجـاز خـاذلة

ولا الصـدور على الإعجـاز تتكــل
__________________
ياسر الحربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس