يتبع قصة واقعية للعلاج من مرض الحمى القلاعية......! حتى تتضح الرؤية أكثر .يجب أن نبتعد قليلا عن الصورة ،ونعود إلى الثلاثينات عندما اكتشف أحد المزارعين إصابة إحدى أبقاره بالحمى القلاعية فماذا فعل ؟ قام المزارع متعمدا بنقل العدوى إلى بقية الحيوانات في مزرعته ،بدعك أجسامها بخرقه مبللة بمخاط البقرة المريضة ،وهكذا التقطت جميع الحيوانات العدوى في نفس الوقت ، ثم تماثلت للشفاء في غضون بضعة أيام..!! دراســة للجانب الأخلاقي س - ما هي العلاقة بين ظهور المرض وإهمال الجانب الأخلاقي ؟ س - هل التخلص من المواشي المصابة بالمرض حرقاً أو دفنها حية يعد عملاً إنسانياً ؟ س - ما هو رأيكم في عملية إحراق الأبقار الغير مصابة بالمرض خوفاً من إصابتها ؟ س - ماذا ينتج عن عملية إخفاء الحقائق المتعلقة بأمراض الحيوان ؟ س - ما هي الإجراءات التي قامت بها الدول ومنها الإمارات اتجاه هذا المرض ؟ س - هل يعد إدخال حيوانات مصابة بالمرض إلى أحد البلدان التي لا يوجد فيها المرض عملاً أخلاقياً ؟ كان ظهور المرض من جديد سببه إهمال أحد المزارعين البريطانيين والذي أطعم خنازيره مخلفات الأطعمة من أحد المطاعم بالرغم من القوانين البريطانية الصارمة التي تمنع ذلك ولذلك نقول بأن ما فعله لم يكن عملاً أخلاقياً على الإطلاق حيث أنه خالف القوانين التي تمنع ذلك وخالف الأعراف التي تدعو إلى إطعام الحيوانات طعاماً يخالف طبيعتها التي خلقها الله عليها وخالف النصوص الغربية الصارمة فيما يتعلق بحقوق الحيوان . ومن الغير أخلاقي كذلك ما تفعله بعض الدول في عملية التخلص من الحيوانات المصبة بالحمى القلاعية بحرق هذه الحيوانات وإعدامها حيث أن دفنها كاف لاتقاء شر نشرها للعدوى لأن الرفق بالحيوان أمر أخلاقي وكذلك دعانا الإسلام إليه وأعتقد أن الحرق مبالغة في الإساءة للحيوان !! ومن الأعمال الغير أخلاقية كذلك ما قامت به بريطانيا وغيرها من الدول عندما سارعت بالقضاء على آلاف الماشية التي لم تظهر عليها أعراض مرض الحمى القلاعية في محاولة احتياطية منها لاتقاء انتشار هذا المرض وفي ذلك إهدار للثروة الحيوانية وقتل لآلاف الحيوانات لمجرد الاشتباه في إصابتها مما يؤدي أيضاً إلى إهدار في الاقتصاد الوطني فكان المفروض على بريطانيا وغيرها أن تفحص على جميع الحيوانات المشتبه في إصابتها وتطلق سراح الحيوانات التي لا تشكو من أي أعراض تتعلق بهذا المرض ولا أعتقد أنه من الأخلاق في شيء قتل حيوانات غير مريضة لمجرد الرغبة في درء الخطر فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في ذلك : (إن الله كتب الإحسان في كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته ). ومن غير الأخلاقي كذلك سياسة إخفاء الحقائق المتعلقة بانتشار المرض وخاصة في بلادنا العربية حيث أنكرت الكثير من الدول وجود أثر للحمى القلاعية في أراضيها بالرغم من وجوده واستفحاله فيها ومن غير الأخلاقي كذلك ما يفعله بعض وزراء الزراعة والثروة الحيوانية عندما يخرجون إلى الرأي العام ويقولون : لا شيء يدعو للخطر .. لا توجد حمى قلاعية في البلد .. الوضع تحت السيطرة … و ….. والكثير من العبارات الزائفة بالرغم من استفحال المرض وانتشاره الذي أدى إلى هلع المواطنين ونفوق المئات من الماشية . وقد قامت دولة الإمارات بعمل كل الإجراءات والاحتياطات اللازمة لحصر المرض في زاوية ضيقة لمنعه من الانتشار. وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي : § الانتقال إلى كل المزارع الحيوانية في الدولة وإجراء فحوصات على كل المواشي ومعاينتها . § المتابعة المستمرة للأبقار والمواشي والرقابة الدائمة عليها للتأكد من من أنها في وضع سليم وجيد. § إجراء فحوصات لكل الماشية المستوردة وتعقيمها وتطهيرها في كل الموانىء بالدولة. § الموافقة المسبقة من قبل السلطات العليا قبل استيراد الماشية من أي دولة ! § القيام بعمل ندوات لتوعية المواطنين في شتى أنحاء الدولة. كما قامت بعض الدول بوضع مواد مطهرة في الموانىء والمطارات وأيضاً على الحدود للسياح والوافدين القادمين من الدول الأخرى وخاصة الدول التي اشتهرت بانتشار المرض فيها للتأكد من عدم إدخال الحمى القلاعية معهم إلى الدولة. كما أن العمل التي قامت به إيران يعد عملاً أخلاقي بحت فقد قامت بشراء الملايين من اللقاحات وتوزيعها على المزارعين بدون مقابل لمقاومة المرض. وختاماً ليس من الأخلاق في شيء إدخال حيوانات مريضة إلى البلد عن طريق الواسطة أو الرشوة أو حتى التهاون في عملية فحص المواشي التي تصل إلى موانىء الدولة فعلى سبيل المثال نذكر بأن السبب في انتشار الحمى القلاعية في دولة الإمارات الأبقار والخرفان المستوردة من استراليا فأين هي الرقابة وأين هم هؤلاء أصحاب الضمير؟ ألا يعلمون أن أرواح الملايين وسلامتهم أمانة في أيديهم؟ دراســة للجانب الاقتصادي الحقيقة أن وسائل الإعلام لعبت دورا رئيسيا في توسيع رقعة الفزع إثر ظهور هذا الوباء وتفشيه بين قطعان الأغنام والماشية الإنجليزية ، الذي زاد من مخاوف الناس وبالتالي انعكس ذلك على الاستهلاك. فالسؤال الذي يطرح نفسه هو ما حجم الخسائر التي تكبدتها الدول من جراء هذا المرض؟ في بادئ الأمر سوف نتطرق إلى دولة الإمارات ومدى الخسائر التي تكبدتها الدولة ، أدى انتشار هذا المرض إلى نفوق اكثر من 24 رأس من البقر 22 رأس من الماعز وبلغت عدد الإصابات 51 من الماشية المصابة في منطقة الهير وبلغ عدد الإصابات في منطقة اليحر 41 إصابة أما في الإمارات الشمالية كانت هناك إصابة واحدة وتم معالجتها وكل هذه الإصابات تشكل نسب ضئيلة إذا ما قورنت بالدول الأخرى على سبيل المثال بريطانيا ولبنان ، فإن لبنان يتكبد سنويا خسائر تقدر قيمتها بنحو 51 مليون دولار بسبب الحمى القلاعية التي تصيب قطعانه بشكل متقطع وفي الضفة الغربية تم اكتشاف 13 إصابة بالحمى القلاعية . وبلغ عدد الخسائر الزراعية في بريطانيا 30 مليار دولار،ونتيجة لانتشار الوباء فقد حظرت وزارة الزراعة الأمريكية منذ فترة وارداتها من اللحوم من الاتحاد الأوروبي مما أثر على تجارة يقدر حجمها بنحو 278 مليون دولار، وكانت أكثر البلدان المتضررة هي بريطانيا نتيجة زيادة عدد الدول التي فرضت حضر على المنتجات الحيوانية لها ، فهل سوف يؤثر ذلك على المنتجات الأخرى؟ نتيجة انتشار المرض أدى ذلك إلى التقليل من استهلاك لحوم المواشي والأبقار (بسبب جنون البقر والحمى القلاعية) والتوجه نحو المنتجات الأخرى فبعض المنتجات تضرر وبعضها زاد استهلاكه ، زادت معدلات استهلاك السمك ، وبعض أنواع من الطيور وذلك لتفادي المرض ،ويقل الخبراء أن تفشي أمراض الحيوانات يشكل خطرا كبيرا على التجارة الزراعية ، وقد يكون له آثار طويلة الأمد وكذلك انخفض سعر بيع المواشي عن السعر الطبيعي، وعلى الجانب الأخر من إنتاج اللحوم فقد ارتفعت مبيعات الصادرات لحوم الكانجارو بمعدل 20 في المائة في الأشهر القليلة الأولى من هذا العام بعد أن انتشر مرض الحمى القلاعية من بريطانيا إلى أوروبا (مصائب قوم عند قوم فوائد)!! ولكن هل يؤثر ذلك بالسلب على حيوان الكانجارو ويعرضه لتهديد الانقراض ؟ آثار ارتفاع الطلب الأوروبي على لحوم الكانجارو مخاوف جماعات حماية الحيوان بشأن الكانجارو الذي يعيش في المناطق العشبية في نيوساوث والولايات الأخرى في جنوب استراليا وبالرغم من أن قتل هذا الحيوان محصور بحصص حكومية وأن صيده مقصور على أشخاص يحملون تصاريح حكومية إلا أن جماعة حماية الحيوان تعتقد أن ارتفاع الطلب عليه سوف يخرج صيده من دائرة السيطرة. ومع الزيادة في استهلاك اللحوم الأخرى زاد استهلاك لحم التماسيح وخاصة في بلاد شرق آسيا. بعد كل هذه الأضرار والتي نتج عنها منافع أخرى .. إذا من هو المستفيد من هذا الوضع الحالي ، من الصعب تحديد المستفيد الحقيقي من هذا الوضع ، وأن الآثار بعيدة المدى قد تلاحق الأسواق لفترة طويلة ولا أحد يعلم في نهاية الأمر ما إذا كانت التجارة الزراعية العالمية ستكون هي الخاسر بسبب لعبة قرارات الحظر الاستيراد ، ولكن هناك دلائل بالفعل تمتد بعيدا تدل على أن الفزع الذي يسود العالم له عواقب غير مقصودة خارج نطاق أوروبا ، ومن شأن ذلك أن يؤثر على علاقات الدول بعضها ببعض ، والسؤال المهم هو ما إذا كان أثر تفشي الأمراض سينتهي سريعا في أوروبا أم سيكون له تداعيات طويلة الأجل ، وقد تظهر تلميحات مقلقة للإجابة على هذا السؤال في حالة تايوان التي عانت من انتشار واسع النطاق للحمى القلاعية في عام 1997 وتم ذبح ربع ثروتها من الخنازير التي تبلغ 14 مليون رأس ودمرت صادراتها التي تبلغ قيمتها نحو 1،55 مليار دولار سنويا من لحم الخنازير ولم تعلن تايوان بعد خلوها من الحمى القلاعية . وأدى انتشار المرض إلى تحول مسار التجارة فدخلت الولايات المتحدة محل تايوان في تصدير لحوم الخنازير لليابان ، وفي حين أن انتشار الأمراض في أوروبا قد يكون بمثابة نعمة مؤقتة للمصدرين من الدول الخالية منها ،إلا أن هذه المكاسب ستتبدد ،فقد بدأ مستهلكو اللحوم في أوروبا يحجمون عن تناولها . وقد قالت شركت ماكدونالدز أحد الشركات الرائدة في صناعة الهامبورجر على مستوى العالم أن مبيعاتها في أوروبا قد تضررت بسبب الخوف من الأمراض ، وإن حرق وذبح أعداد المتزايدة من رؤوس الماشية لمنع انتشار المرض يترك القليل منها لتستهلك حبوبا وأعلافا أقل وقد تقل الواردات من الحبوب والبذور الزيتية ومنتجاتها. وبعد تفشي المرض في العديد من الدول العربية والأوروبية كان لابد من ظهور قرارات للحد من انتشار هذا المرض ، إذا ما هي طرق الوقاية من هذا المرض وسبل تقليل انتشاره والإجراءات التي اتبعتها الدول لتقليل رقعة الإصابة ؟ من بين الإجراءات التي اتبعتها بريطانيا هي أولا القيام بعمليات التخلص من الماشية في جميع المزارع التي ظهرت بها إصابات لمرض الحمى القلاعية إضافة إلى تطهير محيط ثلاثة كيلومترات حول تلك المزارع ، وقد أعلنت بريطانيا استخدام قوات الجيش وذلك لاحتواء أزمة انتشار مرض الحمى القلاعية ، وقد خصصت حكومة بريطانيا مائة وسبعة وستين مليون جنيه إسترليني لتعويض المزارعين لمساعدتهم في التخلص من القطعان المصابة، أما في الدول غير المصابة فبادرت في إجراءات الحظر جميع المنتجات الحيوانية ومشتقاتها ومنع استيرادها من الدول الموبوءة . أما في دولة الإمارات وفي مدينة العين بالتحديد ، فقد سارعت إدارة الصحة العامة في دائرة بلدية العين إلى الانتقال للمزارع المصابة ، ومعاينة الحالات المختلفة لنفوق الأبقار والماشية وحالات الإصابة الأخرى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاصرة الإصابة والإشراف على إعدام ما نفق منها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم انتشار الوباء ومن ثم إخضاع بقية الأبقار والمواشي المصابة للعلاج ،ووضع ما تبقى من القطعان تحت المراقبة طوال فترة حضانة المرض للتأكد من سلامتها ،هذا وتقوم إدارة الصحة العامة ومركز رقابة الأغذية والبيئة بإجراء مسوحات ميدانية لمختلف مناطق العين لحصر حالات الإصابة وذلك بالتعاون مع إدارة شرطة العين التي باتت تراقب مختلف المنافذ المؤدية من وإلى مدينة العين ،ومنع انتقال قطعان المواشي منها وإليها ووضع برنامج للمزارع للتحصين بمعدل ثلاث مرات في السنة. أما في البرتغال فقد طالبت السياح البريطانيين بتنظيف أقدامهم بالمواد المطهرة ، والمسافرين الذين يصلون براً وجواً من بريطانيا يجب أن يسلموا جميع المواد الغذائية التي بحوزتهم . أما في إيران فإنها سوف تستورد 2،5 مليون جرعة من لقاح الحمى القلاعية وسوف توزعه مجانا على المزارعين. قالت منظمة الأغذية والزراعة الدولية "فاو" أنه بالإمكان استخدام التلقيح الدائري حول منطقة الإصابة للمساعدة في العملية التي يكون فيها عدد موجات اندلاع المرض أو عدد الحيوانات المتأثرة به كبيرة جدا مشيرة إلى أن التلقيح ليس بديلا للاستئصال فالبر غم من أن الحيوانات الملقحة تعتبر محمية ضد مرض الحمى القلاعية إلا أنها لا تقاوم الفيروس بصورة تامة وما تزال عرضة للإصابة . |